إن الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفُسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلّ له ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولُه، اللهمَّ صلّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلينَ، وارضَ اللهمَّ عن الصحابة أجمعينَ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين وسلّم تسليمًا كثيرًا.
عبادَ الله: اتقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحرصوا على هَدْي المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن يتقِ اللهَ يجعلْ له مخرجًا، ومن يطع الرسول فقد اهتدى.
إخوة الإسلام: ابتدأتُ في الجمعة الماضية حديثًا عن السيرة النبوية بذكرِ شيءٍ من خصائصِها، وحقيقةِ المحبةِ لصاحبها عليهِ الصلاة والسلام.
وحديثُ اليوم استكمالٌ لما قبلَه، فالضرورةُ داعيةٌ لمعرفةِ هذه السيرةِ العطرةِ، بل هي كما قال ابن القيم رحمه الله:«فوق كلِّ ضرورة؛ إذ لا سبيل إلى السعادة والفلاحِ في الدُّنيا والآخرة إلا على أيدي الرسلِ، ولا سبيل إلى معرفة الطيب من الخبيث على التفصيل إلا من جهتِهِم، ولا يُنال رضا اللهِ البتة إلا على أيديهم». إلى أن يقول: «وإذا كانت سعادةُ العبد في الدارَين معلّقةً بهَدْي النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيجبُ على كلِّ من نَصَحَ نفسَه، وأحبّ نجاتَها وسعادتَها أن يعرفَ من هَدْيِه وسيرتِه وشأنِه ما يخرجُ به عن الجاهلين به، ويدخلُ في عِداد أتباعِه
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ١٢/ ٤/ ١٤٢١ هـ