للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لماذا وكيف ندفع الفتن؟ (١)

الخطبةُ الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ، ومنْ يضلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلينَ، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعينَ والتابعينَ وتابعيهمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ وسلِّمْ تسليمًا كثيرًا.

أيُّها المسلمون: عظَّمَ الإسلامُ أمرَ الفتنِ، وحذَّرَ المصطفى صلى الله عليه وسلم منْ آثارِها، وأرشدَ إلى المخرجِ منها بالمبادرةِ للأعمالِ الصالحةِ فقالَ: «بادِرُوا بالأعمالِ فِتَنًا كقِطَع الليلِ المظلمِ، يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا، يبيعُ دِينَه بعَرَضٍ منَ الدنيا» (٢).

رُوي عنِ الحسنِ أنهُ قالَ في هذا الحديثِ: «يصبحُ الرجلُ مؤمنًا» يعني: مُحرِّمًا لدمِ أخيه وعِرْضِه ومالِه، ويُمسي مُستحلًّا (٣).

وما زالَ العلماءُ يُحذِّرونَ منَ الفتنِ حتى بوَّبَ أهلُ الحديثِ في كتابِ (الفتنِ): (بابَ الاعتزالِ في الفتنةِ)، وبه ساقُوا حديثَ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يوشكُ أنْ يكونَ خيرُ مالِ المسلمِ الغَنَمَ، يتَّبعُ بها شَعَفَ الجبالِ، ومواقعَ القَطْرِ، يَفرُّ بدِيِنهِ منَ الفتنِ» (٤).


(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ٢٩/ ٣/ ١٤٢٤ هـ.
(٢) أخرجه مسلم ٢/ ١١٨.
(٣) نقله البغوي في «شرح السنة» ١٥/ ١٥.
(٤) أخرجه مالك والبخاري وغيرهما (شرح السنة ١٥/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>