للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

أيها المسلمون .. مؤهلات الترشيح لأي مسئولية كثيرة ومتكاملة، وعلى قدر كبر هذه المسئولية تزيد هذه المؤهلات، وإذا كانت المصداقية والتقوى والصلاح والنزاهة مؤشرات مهمة للترشيح، فلا بد أن يضاف إليها الخبرة والقوة والسياسة والحكمة، والمعرفة والعلم بمتطلبات هذه المسئولية، ويرشدنا كتاب ربنا إلى شيء من هذا، فيوسف -وهو نبي الله- حين تقدم لولاية خزائن الأرض قدم بالقول: {إني حفيظ عليم}. ومارس فيما بعد سياسة الاقتصاد بنجاح واقتدار، ومن مشورته: {فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ}. وثمة توجيه قرآني إلى أهم عناصر التولية والاستئجار: {إن خير من استأجرت القوي الأمين}.

وفي مخزون السنة (السيرة) النبوية توجيه وإرشاد وتقدير للمواهب والقدرات، ووضع للرجل المناسب في المكان المناسب، فأبو ذر رضي الله عنه نصحه النبي صلى الله عليه وسلم ألا يتولى المسئولية حين قال يا رسول الله، ألا تستعملني؟ فضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب أبي ذر وقال: «يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها» (١).

وفي التوجيه الآخر قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر: «يا أبا ذر، إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم» (٢).

فهذا أبو ذر لا يضيره ألا يوليه الرسول صلى الله عليه وسلم المسئولية وإن كان أصدق الناس


(١) (رواه مسلم ح ١٨٢٥).
(٢) (رواه مسلم ح ١٨٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>