وفي حربهم كانوا نماذج للإيثار، فشربة الماء للجريح النازف ربما دارت على أكثر من مجاهد قعدت به الجراح عن مواصلة الجهاد، فظل هؤلاء الجرحى يتدافعون هذه الشربة ويؤثرون بها غيرهم، حتى استشهدوا جميعًا ولم يشربها أحد منهم.
إنه البعد عن الشح والانعتاق من الأنانية تتجلى في أسمى معانيها .. فتتعانق مرتبة الجهاد في سبيل الله، مع خلق الإيثار النبيل ولو كان بأصحابه خصاصة.
ترى كم يدرك المسلمون ما في دينهم من سمو الأخلاق وكريم السجايا، وكم يبحثون في تاريخهم ليروا نماذج من البشر كانت أجسادهم جسورًا عبر عليها الإسلام إلى أمم الأرض، وكان في موتهم حياة للآخرين، وكان جهادهم عدلًا وحرية للمظلومين! {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}[الأحزاب: ٢٣].