للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله على كلِّ حال، وأشكره على الدوام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم ما لا نعلم ويقدر ما لا نقدِّر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه الله لاستنقاذ العباد من عبودية العباد إنما عبودية ربِّ العباد، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين ..

إخوة الإيمان، والمعرفة اليقينية بسنن الله في هذا الكون تورث في المسلم ثمارًا يانعة يحسها في الدنيا ويجد ثوابها يوم يلقى الله .. ومن هذه الثمار:

١ - تحقيق العبودية لله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، فإذا كنا نعلم أن من أسمائه: العليم، الحكيم، البر، الرحيم، اللطيف، الودود، ونحوها .. فلا معنى للتسخط لأي قدر يقدره الله .. بل لابد من الإيمان أن فيما يقدره الله في هذا الكون الخير، وسواء أدركنا ذلك أم لم ندركه، وينتج عن هذا الإيمان حسن الظنِّ بالله، وصدق التوكل عليه، وقوة اليقين والمحبة لله ولرسوله ولدينه.

٢ - كما تثمر هذه المعرفة اليقينية في القلب ثباتًا ورباطةَ جأشٍ وصبرًا أمام الابتلاءات والمصائب، والمسلم مثابٌ على صبره ويرجو رحمة ربه، هكذا علمنا القرآن وذلك فرق بين صبرنا وصبر أهل الملل والأديان: {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} (١).

وتأملوا فقه السلف في فهم حكم المصائب والنوازل، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (إن كلَّ قدرٍ يكرهه العبد ولا يلائمه لا يخلو: إما إن يكون عقوبةً على الذنب،


(١) سورة النساء، الآية: ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>