للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلَّم أمته حين تصاب بالهمِّ والحزن أن تقول- فيما تقول- (ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك) وذلك منتهى الرضا والتسليم والحمد والشعور بعدل رب العالين، وكذلك ينبغي أن يقتدي المسلم، فيستشعر الرضاء في كل قضاءٍ يختاره له ربُّه.

ومن مأثور السلف، يُروى أنه اجتمع وهيبٌ بن الورد وسفيان الثوري ويوسف بن أسباط فقال الثوري: قد كنت أكره موت الفجأة قبل اليوم، وأما اليوم: وددت أني ميت، فقال له يوسف بن أسباط: ولِمَ؟ فقال: لما أتخوف من الفتنة، فقال يوسف: لكني لا أكره طول البقاء، فقال الثوري: ولم تكره الموت؟ قال: لعلِّي أصادف يومًا أتوب فيه وأعمل صالحًا، فقيل لوهيب: أي شيء تقول أنت؟ فقال: أنا لا أختار شيئًا، أَحبُّ ذلك إليَّ أحبُّه إلى الله، فقبَّل الثوري بين عينيه وقال: روحانية ورب الكعبة.

قال ابن القيم معلقًا: وقد كان لوهيب المقام العالي من الرضا وغيره (١).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (٢). نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا واستغفر الله ..


(١) مدارج السالكين ٢/ ٢٢٤.
(٢) سورة آل عمران، الآيتان: ١٤٠، ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>