للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين، يبتلي عباده بالخير والشر فتنة وإليه يرجعون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يُردُّ بأسُه عن القوم المجرمين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، حذّر أمته من الفتن والمعاصي وأرشدهم إلى العبودية الحقة .. ومن يضلل الله فما له من هادٍ، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أيها الناسُ: ويختلف كذلك أهلُ الإيمان عن أهل الكفر عند حلول النكبات أو التوقعات والمرتقبات .. فأهلُ الكفر يُصيبهم من الهلع والجزع والذعر والقنوط واليأس ما هو خليقٌ بأمثالهم، ممن لا يؤمن بالله ولا يتوكل عليه .. أما أهلُ الإيمان فهم وإن خافوا وفزعوا فهو خوفٌ وفزعٌ إلى الله وفرارٌ إلى الله منه؛ يهديهم ذلك الخوف إلى مزيد الإيمان به والخوف من بأسه وعقوبته، ويدعوهم ذلك إلى مزيد طاعته، والجهاد في سبيله، والدعوة إلى دينه، والتخفف من الآثام والسيئات، وإعادة النظر في الأحوال والسلوكيات .. ذلكم خوفٌ إيجابي .. وفزعٌ مرغوب، يحققون به الإيمان .. ويخشون صاحب الانتقام .. يتضرعون إلى الله، ويلجئون إليه استجابةً لأمر ربِّهم {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (١). ويجأرون بالدعاء وهم مؤمنون. يقول حبيبهم صلى الله عليه وسلم: ((لا يردُّ القدرَ إلا الدعاءُ)) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

ويقول صلى الله عليه وسلم: ((لا تعجزوا في الدعاء، فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد))، رواه


(١) سورة الأنعام، الآية: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>