للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانيةُ:

الحمدُ للهِ أمرَ بجهادِ الكافرين والمنافقين والغِلْظةِ عليهم، كما أمرَ بالقِسْط والبِرِّ عن الذين لم يُقاتِلُوكم في الدّين ولم يُخرِجُوكم من ديارِكم، والله يُحبُّ المُقسِطين، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، نهى عن موالاةِ الكافرين واتخاذِ بطانةٍ لا يَأْلونَ المسلمين خَبالًا.

وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولهُ قال: وجُعِلَ رزقي تحتَ ظِلِّ رمحي، والذلُّ والصَّغَارُ على مَن عَصَاني، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسَلينَ.

٨ - إخوةَ الإسلام: وثَمةَ درسٌ ثامنٌ من هذه الحملةِ المبكِّرةِ لمحاولة فتحِ القسطنطينية يقول: الهوَّيةُ الدينيةُ أمكنُ من الهويةِ العِرْقية .. كيف هذا؟ وما دليلُه في هذه الحملةِ؟

لقد جاءَ في بعض الرواياتِ التاريخيةِ أنه كان يعيشُ في بلادِ الروم في ذلك الزمان عناصرُ عربيةٌ نصرانية، وكانت تُقاتِلُ جنبًا إلى جنبٍ في صفوفِ الرُّوم النصارى، بل كان بعضُهم شديدًا على المسلمين، كما في قصةِ خالدِ ابن عُمَير السُّلَمي الذَّكْواني الذي بارزَ رجلًا من المسلمين أثناءَ الحِصار، فأُسِرَ هذا النصرانيُّ العربيُّ وبُعِثَ به إلى هشامِ بنِ عبدِ الملكِ وهو بِحرَّانَ والٍ عليها، فقُتِلَ بينَ يديه لما أصرَّ على الكفرِ (١).

ومن هنا فلا بدَّ من التأكيدِ على ولاءِ العقيدةِ ورابطةِ الأُخوَّةِ الإسلامية وعدمِ المبالغةِ والاتكاءِ على روابطِ الجنسِ واللغةِ واللون، فتلك لا يقامُ عليها بنيانٌ،


(١) تاريخ دمشق ١٦/ ١٧٩، معجم البلدان ٣/ ٤٣ - ٤٤، د. سليمان السويكت، الحملة ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>