للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشكر والشاكرون (١)

[الخطبة الأولى]

الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، وأشهد أن لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله كان إمامًا للشاكرين ونموذجًا للصابرين. أيها الإخوة المسلمون ما بنا من نعمة فمن الله، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.

{يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ}.

ابن آدم أنت في مبدئك ومنتهاك وفي حال ضعفك وقوتك وصحتك وغناك، وبكل ما تتربع عليه من نعم ويدفع عنك من نقم .. أنت من فضل الله وجوده وكرمه وإحسانه .. شكرت ذلك أم كفرته أدركت هذه النعم أم غاب عنك بعضها.

أجل إن من أسماء الله الحسنى (الشكور) وهو الذي يجازي بيسير الطاعات كثير الدرجات، ويعطى بالعمل في أيام معدودات نعيمًا في الآخرة غير محدود، ومن جازى الحسنة بأضعافها يقال أنه شكر، فإذا نظرت إلى معنى الزيادة في المجازاة لم يكن الشكور المطلق إلا الله عز وجل لئن زيادته في المجازاة غير محصورة ولا محدودة، ذلك أن نعيم الجنة لا آخر له، والله يقول: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: ٢٤].


(١) ألقيت هذه الخطبة في ٩/ ٣/ ١٤٣٠ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>