للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وهو العليم الخبير بالمنافقين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم النبيين والمبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم على سائر أنبياء الله والمرسلين.

أما بعدُ: في نهاية الحديث عن المنافقين يرد السؤال المهم: وما الموقف الشرعيُّ من المنافقين؟ والمتأمل في كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته، وسير أصحابه، يجدُ الإجابة عن الموقف المشروع من المنافقين في الأمور التالية:

أولا: الحذر من المنافقين، قال الله تعالى: {هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون}. ولم لا يكون الحذر من المنافقين وهم يظهرون ما لا يبطنون، ويُسرون ما لا يعلنون، ولربما تحدثوا باسم الدين، وقد يُغترّ بهم فيُحسبون من الناصحين، والله أعلم بما يكتمون، وما أجمل ما نقله القرطبي في الحذر منهم، قال القرطبي رحمه الله: والمعنى احذر أن تثق بقولهم، أو تميل إلى كلامهم واحذر مما يلتهم لأعدائك، وتخذيلهم لأصحابك (١).

ثانيا: ومع الحذر من المنافقين لابد من كشف خُططهم وفضح أساليبهم، فالمنافقون جُبناء لا يجرأون بالتصريح بما يريدون، بل هم أصحاب حيل، وأرباب مكر وخديعة، وأصحاب ظواهر لا بواطن، فلربما سعوا إلى التدمير باسم التطوير، ولربما سعوا في الأرض فسادًا. هم يزعمون أنهم مصلحون {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}.


(١) تفسير القرطبي ١٨/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>