للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: مجاهدتهم والغلظة عليهم امتثالا لقول الله تعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم}. قال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وتدخل فيه أمته من بعده .. ثم نقل عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، مجاهدة المنافقين باللسان، وشدة الزجر والتغليظ، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: جاهدوا المنافقين بأيديكم، فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم، فإن لم تستطيعوا! إلا أن تكفهروا في وجوههم فافعلوا (١).

أما الغلظة مع المنافقين -فهي كما حكاها المفسرون- نقيض الرأفة، وهي شدةُ القلب على إحلال الأمر بصاحبة، وليس ذلك في اللسان، واعتبر القرطبي هذه المجاهدة والغلظة مع المنافقين والكفار آخر تشريع حيث قال: وهذه الآية نسخت كلَّ شيء من العفو والصلح والصفح (٢).

رابعا: عدم موالاة المنافقين واتخاذهم بطانة للمؤمنين والحكمة ظاهرة في النص القرآني، قال الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون * هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور} (٣). ولا أظن الآية تحتاج إلى تعليق.

خامسا: عدم الدفاع أو المجادلة عنهم، كما أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين


(١) تفسير القرطبي ٨/ ٢٠٤، سير أعلام النبلاء ١/ ٤٩٧.
(٢) تفسير القرطبي ٨/ ٢٠٥.
(٣) سورة آل عمران، الآيتان: ١١٨، ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>