للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، فاوتَ بين عبادِه في الهِمَمِ؛ فمنهم ظالمٌ لنفسِه، ومنهم مقتصدٌ، ومنهم سابقٌ للخيرات بإذن الله ذلكَ هو الفوزُ العظيم.

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، يجازي على الحسناتِ والسيئاتِ، ويُضاعفُ أجرَ الحسناتِ إلى عشرِ أمثالِها أو أزيدَ، وفضلُ الله يؤتيهِ من يشاءُ، والله ذو الفضلِ العظيم.

وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، كان أجودَ ما يكونُ في رمضانَ .. وفي العشرِ الأواخرِ له اجتهادٌ يفوقُ كلَّ اجتهاد، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ الأنبياء والمرسلينَ.

أيها المسلمونَ: العملُ الصالحُ هو الرصيدُ الحقُّ لمن يرجو يومَ الحسابِ، وإذا كانتِ المسارعةُ للخيراتِ مطلوبةً على الدوامِ، فهي أحرى وأولى بالأزمانِ الفاضلةِ .. والحاجةُ إليها أشدُّ في أزمانِ الفتنِ، ولذا ندبَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم إليها بقوله: «بادروا بالأعمالِ فِتنًا كقطعِ الليلِ المظلم، يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا» (١).

يا عبدَ الله .. أجلُك محدودٌ، ولا تدري متى تكون النُّقلةُ، فارحل حين ترحلُ بخيرِ زاد، ألا وإن ضعفَ الإيمان والتكاسلَ عن عملِ الصالحاتِ سببٌ لضعفِ المقاومةِ عن المصائبِ والفتن، قال صلى الله عليه وسلم: «ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يبالي المرءُ بما أخذَ المالَ؛ أمِن الحلالِ، أم من الحرامِ» (٢).

وقل مثلَ هذا التجاوزِ فيما عدا المال من المحرماتِ الأخرى؛ إذ صحَّ عن


(١) رواه مسلم.
(٢) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>