للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ فرصةً للتعويضِ والتعويدِ، فرصةً لتعويضِ ما فاتَ، وتعويد النفسِ في مستقبلِ الأيامِ، وكيف يفرِّطُ عاقلٌ في عشرِ ليالي يدركُ بها المحتسبون المؤمنون ليلةَ القدر، وليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر.

يا عبدَ الله: مهما كان تفريطُك على نفسِك فيما مضى، فإياك أن تُتْبع الغفلةَ بغفلةٍ أخرى - بل قُم مع القائمين، واركعْ مع الراكعين .. عسى أن تدركَكَ نفحةٌ من نفحاتِ المولى فتسعدَ ولا تشقى .. والرجلُ مع من أحبَّ.

كم لك من حاجةٍ تتمنى قضاءها .. وكم عندَك من همومٍ تودُّ لو فُرِجتْ عنك أثقالُها .. كم عندك من خطايا ترغبُ الخلاصَ منها .. وكم أمامَك من عقباتٍ وأنتَ أحوجُ إلى تذليلِها والتقوِّي على صعودها .. ألا فبادرْ إلى فرصِ الخيرِ .. وخذ بنفسِك بالعزيمةِ، إني لك ناصحٌ، وعليك مشفقٌ، وما أنا وأنتَ إلا خلقٌ من خلقِ اللهِ، أحوجُ ما نكونُ إلى رحمتهِ، وأفقرُ ما نكونُ إليه، ولا يُعجزه أن يستبدلَنا بخير منا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} (١).

اليومُ يومُ المهلةِ، وغدًا حسابُ يوم القيامةِ، ومن عَلِمَ فليعمل، وفرقٌ بين الذين يعلمون والذين لا يعلمونَ، وصدق الله: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (٢).

اللهم انفعنا بهدي القرآنِ وسنةِ محمدٍ عليه الصلاة والسلام - أقولُ ما تسمعون.


(١) سورة فاطر، الآيات: ١٥ - ١٧.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>