للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذية المسلمين (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.

إخوة الإسلام: يُشيع الإسلامُ المحبة بين المسلمين، وتوثق شرائعُه روابط الودِّ بين المؤمنين، وتنهى تعاليمُه عن كلِّ ما يَخِلُّ بتآلفهم وصفاء نفوسهم، ولكن الشيطان قاعدٌ للإنسان بأطرقه كلِّها ينزغ، ويوسوس، ويؤز، ويؤلب، وينصب رايته في الإفساد هنا وهناك، ولئن كان كيدُ الشيطان ضعيفًا، فما أكثرُ الناس ولو حرصت بمؤمنين، وقليل من عباد الله الشكور.

إن أذية المسلم بأي شكل كانت، وبأي وسيلة تمَّت، هي من نزغات الشيطان، وهي استجابة يضعُفُ فيها الإنسانُ، وينسى فيها أو يتناسى رقابة الرحمن، وهي بلاء يُبلى بها بعضُ الناسي، ويبتلي الله بها آخرين.

وإذا كانت أذيةُ الذميِّ (غير المسلم) منهيًّا عنها في شريعة الإسلام، فما الظنُّ بأذية المسلم لأخيه في الإسلام؟

جاء في الخبر: «من آذى ذمِّيًا فأنا خصمُه يوم القيامة».

أما أذية المؤمن فقد عَظَّم اللهُ أمرها، ورتَّب العقوبة عليها فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (٢)، والمعنى - كما قال ابن كثير رحمه الله: أي ينسبون إليهم ما هم برءاءُ منه، لم يعملوه ولم يفعلوه، ثم ساق الخبر عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ١٧/ ٧/ ١٤١٩ هـ.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>