الحمدُ للهِ أعطى كلَّ شيءٍ خَلْقَه ثمَّ هدى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، يُحبُّ التوابينَ ويُحبُّ المتطهِّرينَ ويحبُّ المحسنينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أرشدَ الأمّةَ إلى ما يَنفعُها في دِينِها ودنياها، وتركَها على مَحجّةٍ بيضاءَ لا يَزيغُ عنها إلا هالكٌ .. اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليهِ وعلى سائرِ النبيِّينَ.
أيها المسلمونَ: المَعلمُ الثالث:
ترويضُ النفسِ على الطاعةِ والعبوديةِ للهِ، وتدريبُها وتذليلُها على خصالِ الخيرِ، وفِطامُها عنِ الشهواتِ المُهلِكةِ والأهواءِ المضلِّلةِ، لا سيما بعدَ أنْ ألِفتِ الطاعةَ وعاشتْ مناسباتٍ إيمانيةً غاليةً، وما أحوجَ العبدَ إلى العبوديةِ والاستعانةِ، فالعبوديةُ هي الغايةُ التي خُلقَ الخَلْقُ لها، والاستعانةُ وسيلةٌ إليها، وتأمَّلوا هذهِ الآيةَ التي نتلوها في كلِّ صلاةٍ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(١).
وما أعظمَه منْ دعاءٍ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، لوْ تأمَّلَهُ وعملَ بهِ المسلمونَ، فلا عبوديةَ إلا لله، ولا استعانةَ إلا باللهِ.
يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ - رحمه الله -: تأمَّلتُ أنفعَ الدعاءِ، فإذا هوَ سؤالُ العونِ على مرضاتهِ، ثمَّ رأيتُه في الفاتحة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
وهناكَ سُنّةٌ منْ سننِ اللهِ في خَلْقهِ ينبغي التفطُّنُ لها، فكلُّ مَنْ أعرضَ عنْ عبوديةِ اللهِ لا بدَّ أنْ يقعَ في العبوديةِ لغيرِه، وكلُّ مَنْ لمْ يستعنُ بهِ وحدَه تورّطَ في