الاستعانةِ بغيرهِ، وفرْقٌ بينَ العبوديةِ للهِ والاستعانةِ بهِ، وبينَ العبوديةِ والاستعانةِ بغيرهِ.
فالمشركونَ الذينَ تكبَّروا عنْ عبادةِ اللهِ وحدَه رَضُوا لأنفسِهمْ بعبادةِ الأشجارِ والأحجار، أوْ ما شابَهها منْ آلهةٍ لا تملكُ لهمْ نفعًا ولا تدفعُ عنهمْ ضُرًّا.
وإبليسُ تكبّرَ عنِ السجودِ لآدمَ، فأورثَه اللهُ ذُلًا ومهانةً في الدنيا ويومَ يقومُ الأشهادُ، ومَنْ رغبَ عنْ إنفاقِ مالِهِ في طاعةِ الله ابتُلي بإنفاقهِ لغيرِ اللهِ وهوَ راغمٌ، وهكذا مَنْ نقصتْ محبّتُه لربِّه تعلَّق قلبُه بغيرِ اللهِ، فتفرقتْ به الأهواءُ. ومَنْ نقصَ خوفُه منْ ربِّه خافَ منْ غيرهِ، ومنْ نقصَ رجاؤهُ لربِّه تعالى تعلَّقَ قلبُه بغيرِ اللهِ فصارَ يرجوهُ في جَلْبِ نفعٍ أو دفعِ ضررٍ لا يقدرُ عليهِ إلا اللهُ.
أيها المسلمون: إنَّ الأبرارَ في نعيمٍ في الدنيا، وهمْ في الآخرةِ أعظمُ نعيمًا وأبقى.
إنَّ النفسَ ذلولٌ لصاحبها، فإنْ ذلَّلها للخيرِ ودرَّبَها عليهِ استقرَّتْ واستقامتْ، وإنْ هيَ ذُلِّلتْ للشرِّ وتُركتْ ترتفعُ أَلِفَتْ ذلكَ وأصابَها منَ القلقِ والهمومِ والأوهامِ والضيقِ والضَّنكِ ما اللهُ بهِ عليمٌ.
ألا فتأمَّل نفسَكَ أيها الناصحُ! وانظرْ ما أنتَ فيه، ووعدُ اللهِ حقٌّ {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (١).
المَعلمُ الرابعُ:
قيمةُ الحياةِ، وقدْرُ الزمنِ، والفراغُ القاتلُ، ذلكَ معلمٌ رابعٌ لا بدَّ أنْ تُقدرهُ في كلِّ حينٍ، ولا سيما حينَ تُحاسبُ نفسَكَ في نهايةِ العامِ.
(١) سورة طه، الآية: ١٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute