الحمدُ لله أَمَرَنا بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القُرْبى، ونهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغيِ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، حرَّمَ الظلم على نفسِه وجعله بين عبادِه محرَّمًا، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، جاءت شريعتُه بحفظِ الأنفُس والأموالِ والأعراض، والمفلِسُ من أُمّته من جاء يومَ القيامة وقد سفكَ دمَ هذا وضربَ هذا وأخذ مالَ هذا. اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائر النبيين.
عبادَ الله: ظاهرةٌ اجتماعيةٌ مقلِقةٌ، يتفاقمُ خَطَرُها، ويكثُر جَرْحاها وقتلاها، وتعمُّ ببلواها فتتجاوزُ الفاعلين إلى الأبرياءِ الآمنين، نشتركُ جميعًا في مسئوليتها، ولا بدَّ أن نتعاونَ جميعًا في علاجِها .. ضحيتُها أولادُنا، ووَقودُها أموالُنا، إنها تستفزُّ مشاعرَنا، وتحرقُ أعصابَنا، وطاقَمُها في بيوتِنا وأبطالُها المتهوِّرون فَلَذَاتُ أكبادِنا، كم أيتمتْ، وأرملتْ، وأقعدتْ وشلّتْ، وكم أحزنتْ وأبكتْ، وآلمتْ وفرّقتْ وآثارُها مزيجٌ من الدماءِ النازفةِ، والأشْلاءِ المتناثرةِ، والجثثُ الهامدة هنا وهناك، فهل عرفتُم هذه الظاهرةَ؟
إنها ظاهرةُ حوادثِ السياراتِ عمومًا .. وأخصُّ منها تلك التي تَحدُث نتيجةَ تهوُّرٍ في القيادة، واستخفافٍ بالأنفُس البشرية، وتطاوُلٍ على الأنظمة المروريّة كسرعةٍ جنونية، أو قَطعٍ للإشارة دون مبالاتٍ بالنتيجة، أو نوعٍ من القيادة ذاتِ الحَرَكات البهلوانية والتي تؤدِّي إلى الإضرارِ بالآخرين، وقد يكون هذا القائدُ
(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ٢٨/ ١١/ ١٤٢٣ هـ.