للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله أحل الحلال وفضله، وبيّن الحرام وحذر منه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يجعل دواء الأمة وعافيتها وأنسها فيما حرم عليها، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بُعث بأكرم الأخلاق وأتمِّها .. ونهى عن السفاسف صغيرها وكبيرها، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

عباد الله! حين تتنادى الأمم والدولُ كلها مسلمها وكافرُها، غنيُّها وفقيرها محذرةً من وباء المخدرات، ومتخذة الوسائل في محاربتها، وحماية الشعوب منها -على اختلافٍ في صدقها وفي أهدافها- فإن ذلك واحدٌ من مؤشرات عظمة هذا الدين، وسمو رسالة محمد عليه الصلاة والسلام حيث نزل القرآن وجاءت السنة بالنهي والتحذير من وباء الخمر، وما يندرج تحته من مسكرٍ أو مفترٍ أو مخدر، قبل ما يقرب من ألف وخمسمائة عام.

أيها المسلمون! لقد جاء حديث القرآن حريصًا عن الخمر في أكثر من آية، ولم يكن للمخدرات حينها وجود يذكر، وهذا يعني أن هذا الداءَ العُضال، والشبحَ المخيف لم يوجد في البيئة الإسلامية إلا متأخرًا، فابن كثير مثلًا يذكر في حوادث سنة (٤٩٤ هـ) أربع وتسعين وأربعمائة، أن الحسن بن الصباح، زعيم الطائفة المعروفة بالحشاشين كان يستعمل مادتي الجوز والشونيز ممزوجتين بالعسل فيطعم بذلك من اتجه لدعوته من الناس حتى يحرق مزاجه ويفسد دماغه حتى يستجيب له، ويصير أطوع له من أمه وأبيه (١).


(١) البداية والنهاية ١٢/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>