للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فاوت بين عباده في الهمم، وفاوت بينهم في حسن القصد وصلاح العمل، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أخبر -وهو الصادق الأمين - عن مصير الثلاثة الذين انتهى بهم الأمر إلى أن يسحبوا على وجوههم حتى يلقوا في النار؛ لأنهم عملوا من أجل الناس حتى ولو كان الأمر -في ظاهره - جهادًا في سبيل الله، أو تعلُّمًا للعلم وتلاوة للقرآن، أو نفقة في وجوه الخير (١). اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

عباد الله: وإذا كان أمر الإخلاص عظيمًا عند الله فليس سهلًا على النفوس -إلا من وفَّقه الله وجاهد نفسه على ترويض النفس على الإخلاص.

قال أحدُ العارفين: ليس على النفس شيءٌ أشقَّ من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب (٢). وقال آخر: أعز شيء في الدنيا الإخلاص، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي، وكأنه ينبت فيه على لون آخر (٣).

أيها المسلمون: إن المتأمل في واقعنا يرى كيف يعزُّ الإخلاص ويقلُّ المخلصون .. أين إخلاص العامل في عمله، وأين إخلاص المربي في تربيته، هل يخلص رجال الأعمال في أعمالهم؟ وهل تظهر على الطلاب سيما الإخلاص في دراستهم وتحصيلهم؟ وفي مجال الطب والهندسة، أو غيرهما من الوظائف


(١) أخرجه مسلم.
(٢) هو سهل بن عبد الله.
(٣) هو يوسف الرازي، «جامع العلوم والحكم» ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>