أما بعد: إخوة الإسلام فبشراكم شهر الصيام، وهنيئًا لكم إدراك شهر القرآن .. نزف البشرى للمستبشرين، ونذكر أصحاب الهمم العالية بموسم من مواسم الخيرات للناس أجمعين، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، هلال خير وبركة، ربنا وربك الله.
أيها المسلمون أنتم تشتركون مع الشمس والقمر، والجبال والشجر، والأنعام والليل والنهار ومن في السموات والأرض كلهم. تشتركون مع هؤلاء وأولئك بالعبودية لله رب العالمين. أمر القمر بالإهلال فأهل، {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون}. وأمرتم أنتم بالصيام والقيام في هذا الشهر الكريم فحققوا العبودية والطاعة لرب العالمين.
أمة الإسلام هذا هو الشهر الذي طالما انتظره المؤمنون، وهذا هو الضيف الذي طالما حل خفيفًا ثم ارتحل وأعين المؤمنين تذرف الدمع حزنًا لوداعه .. ولوعة لفراقه، فهل يسمع النداء من لا يزال قلبه لاهيًا منغلقًا، وهل يصدق التوبة من ظل طول العام في المعاصي والغفلة، وستر الله يظله، وعين الله تبصره، {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون أنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}.
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٢/ ٩/ ١٤١٤ هـ.