للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين {له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون} (١) وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد إخوة الإسلام فينبغي ألا يخامر المسلم شك بنصرة الله لهذا الدين، حتى وإن لم يره بأم عينه وتحقق لأجيال بعده، فحسبه أن يكون جنديًا صادقًا في سبيل خدمة هذا الدين، وحسبه أن يموت يوم يموت، وهو يحسن الظن بربه ويستشعر بمسئوليته تجاه دينه، قد حرر عبوديته لله ...

أما النصر فلابد من اكتمال أسبابه وزال معوقاته، والله يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، ووعده حق، ونصره قريب، وأمره بين الكاف والنون ... ولكن ثمة أدواء يتلبس بها المسلمون وهم يستشرفون النصر، ونصر الله عزيز لا بد فيه من تمحيص الصفوف، ولابد من تمييز الخبيث من الطيب، لابد من سقوطٍ لأصحاب المطامع والأهواء، ولابد من تجريد للصفوة المختارة التي يحبها الله وتستحق نصره، لابد من تمييز المجاهدين الصادقين من المتقوّلين المنتفعين ...

عباد الله ... وليست المسؤولية في هذا على الناس على حدٍ سواء فكل بحسبه، وليست العبودية المؤهلة للنصر ضربًا من الأماني أو قدرًا محدودًا من العبادات، يظن المرء فيها أنه بلغ قمة الإيمان واستحق النصر لولا فساد


(١) سورة القصص، الآية: ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>