للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختيار الرفيق (١)

[الخطبة الأولى]

الحمد لله ربِّ العالمين، خلق فسوى، وقدّر فهدى، وله الحمدُ في الآخرة والأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيده مقاليد السماوات والأرض، وما من دابة في الأرض إلا هو آخذ بناصيتها.

إخوة الإيمان .. كتب أخٌ ناصحٌ إلى أخ له في الله يقول: إن الدنيا حُلُمٌ والآخرة يقظة، والموت متوسط، ونحن في أضغاث أحلام .. من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن نظر في العواقب نجا، ومن أطاع هواه ضلَّ، ومن حلم غنم، ومن علم عمل، فإن زللت فارجع، وإذا ندمت فأقلع، وإذا جهلت فاسأل، وإذا غضبت فأمسك. هكذا -إخوة الإيمان- يكون الخليل الناصح، وبمثل هذا النوع من القرناء فليستمسك فيهم -بعد الله- عزاء عند المصيبة، وتسرية حين الكروب والشدة، وسلوةٌ وفائدة حين اللقاء والصحبة.

إخوة الإيمان .. قد جاء في القرآن والسنة ذكرُ القرين والرفيق والخليل مصحوبا ذلك بتوجيهات نافعة، وإشارات تربوية هامة، وإذا كان المرء في هذه الحياة لابد له من صاحب يتحدث معه يشكو له ويسليه وينصح له .. فشأنُ اختيار الصاحب من الأهمية بمكان .. ولابد من الاجتهاد في اختيار من تحب وتخالل .. فالمرءُ على دين خليله .. والمرء مع من أحب .. وكلُّ قرين بالمقارن يقتدي؟ والصاحب


(١) ألقيت هذه الخطبة في يوم الجمعة الموافق ٤/ ٢/ ١٤١٩ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>