الحمد لله رب العالمين والعاقبة للتقوى وللمتقين ولا عدوان إلا على الظلم والظالمين.
أما بعد:
فأمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها شمسٌ لا يمكن حجب نورها .. إنها في كل بيت وعلى كل لسان، وفي كل عصر ومصر لا يكاد يخلوا منها كتاب، ولا يكاد تخطئ فضائلها عين أو تغيب مناقبها عن السمع، هي ملئ السمع والبصر، وحمقى أولئك الذين يشغبون عليها، أو يظنون أنهم يحتجبون شيئًا من أنوارها.
وبعد - إخوة الإسلام - ففي سورة النور نور وفرقان وبلاء وبهتان، صال المنافقون وأرجفوا واتهموا بيت النبوة - وراموا النيل من الإسلام وأهله - حتى إذا زلزل أهل الإيمان كشف الله الغمة، وفضح أهل النفاق والظغينة، ومع عظم البلاء نزلت البراءة من السماء فكانت بيانًا وتزكية للصديقة عائشة إلى يوم الدين {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
ولقد وقف المفسرون عند آيات الإفك وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، فقال ابن كثير: هذا وعيد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات، خرج مخرج الغالب المؤمنات، فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة، ولا سيما التي كانت سبب النزول، وهي عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما، وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية فإنه كافر لأنه معاند للقرآن (١).