للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانية:

الحمدُ للهِ أهلِ المجد والثناء {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (١) وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، أمرَنا بالبشرِّ والإحسانِ والوقايةِ للنفسِ والأهلِ منْ مكايدِ الشيطان، ونهانا عن الفُحشِ والبذاءِ وهتكِ حدودِ الله {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٢)، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، دعا الأمةَ إلى كلِّ خبرٍ وحذَّروها منْ كلِّ خيرٍ وحذَّروها منْ كلِّ شر، وأخبرَ- وهو الصادقُ المصدوقُ- أنَّ أولَ فتنةِ بني إسرائيل كانتْ في النساء، وأخبرَ- وخبرهُ الصدقُ واليقين- فقال: «ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجالِ منَ النساء» اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليهِ وعلى سائر الأنبياءِ والمرسلين.

إخوة الإسلام: وخامسُ المخاطرِ: السفرُ بلا ضوابط، ولا سيما إلى بلادِ الكفرِ والعهر، وبصحبةِ النساءِ والذرية، وهناكَ لا تسأَلْ عنْ وأدِ الفضيلةِ واختزالِ الحياء، وإضاعةِ الأوقاتِ والتفريطِ بالواجبات، ولئنْ كان ثمةَ ابتزازٌ بشعٌ للأموالِ فأعظمُ من ذلكَ ابتزازُ القيمِ والأخلاق، والتعرضُ لمخاطرَ أمنيةٍ لا مسوّغَ لها، وفي طولِ بلادِنا وعرضِها تتوفرُ الجبالُ والسهولُ والبرُ والبحرُ والأجواءُ الباردةُ والمعتدلة، وأعظمُ منْ ذلكَ توفرُ الأجواءِ الإيمانيةِ حيثُ البقاعُ المقدسةُ والحرمان الشريفان، مهوى الأفئدة، ومنيةُ المسلمين للزيارةِ في كلِّ مكان ..

إنَّ نفرًا منَ الناسِ باتَ السفرُ عندَهم- لعوائِلهم- للخارجِ وسيلةً للفخرِ والمباهاة، وآخرينَ أصبحَ السفرُ عندهمْ فرصةً للانطلاقِ دون رقيبٍ أو حسيب،


(١) سورة النحل، الآية: ٥٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>