للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بعثه الله بالحنيفية السمحة ليتمم مكارم الأخلاق فكانت بعثته رحمةً للعالمين، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

إخوة الإسلام! من الأمور التي ينبغي للمجتمع المسلم أن يحاسب نفسه عليها، المسؤولية الخلقية والجزاء عليها، إذ إن الإسلام أمر بجملة من الأخلاق الفاضلة ورتب الجزاء لها، ونهى عن جملة من الأخلاق السيئة وشرع العقوبة عليها، ووضع الحدود لمرتكبيها، ويظن بعض الناس ظنًّا خاطئًا أن آثار الخلق الحسن لا يستفيد منها غير صاحبها، وأن شؤم المعصية لا تمتد إلى المجتمع، وآثار الخلق المشين لا يتضرر منها المجتمع من حوله، صحيح أن هناك مسؤولية فردية «فكل نفس بما كسبت رهينة»، {ولا تزر وازرة وزر أخرى} (١). ولكن المسؤولية الجماعية تُعد امتدادًا للمسؤولية الذاتية فحينما نسأل عن أعمال غيرنا إنما نسأل عن انعكاسات مواقفنا الإيجابية أو السلبية، ولولا ذلك لما قام سوقُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولما مُيزت به هذه الأمة عن غيرها من الأمم وأُمرت به {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} (٢). ولولاه لما قام واجبُ الإصلاح بين أفراد المجتمع وجاء الأمر به بعد التقوى {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} (٣).


(١) سورة الأنعام، الآية: ١٦٤.
(٢) سورة آل عمران، آية: ١٠٤.
(٣) سورة الأنفال، آية: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>