للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

من ثمرات الحياء ومن الحياء إجلال الأكابر، واحترام أهل السابقة والعلم، وفي سلوك ابن عمر رضي الله عنهما برهان ذلك.

فقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟ » (١) فعرف ابن عمر أنها النخلة، واستحيا أن يجيب، ويعلل حياءه- كما في روايات الحديث- بأنه وجد نفسه أصغر الجالسين، وأنه رأى أبا بكر وعمر لا يتكلمان، فكره أن يتكلم (٢). كم يشرح الصدر ذلك المجتمع الذي يستحي فيه الصغير من الكبير، ويتعامل الناس فيه بالاحترام والتوقير.

ومن ثمرات الحياء أن الحياء بنفسه وقاية من الوقوع في المعاصي، فقد ورد أن أحد الصحابة كان يعاتب أخاه على حيائه، وكأنما يقول له: قد أضر بك الحياء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه. فإن الحياء من الإيمان» (٣) قال أبو عبيد الهروي: (معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي .. فصار كالإيمان القاطع بينه وبين المعاصي) (٤) ولذلك عمم الرسول صلى الله عليه وسلم في سبيل للخير وزينة للسلوك بيان ثمرات الحياء، فقال: «الحياء لا يأتي إلا بخير» (٥) وهو سبيلٌ للخير وزينة للسلوك، فقال: «ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه» (٦).


(١) صحيح البخاري - كتاب العلم- باب: ٤ الحديث: ٦١.
(٢) فتح الباري ١/ ١٤٦.
(٣) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب: ٧٧ - الحديث ٦١١٨ (الفتح ١٠/ ٥٢١).
(٤) عن فتح الباري ١٠/ ٥٢٢ عند شرح الحديث ٦١١٨.
(٥) صحيح البخاري -كتاب الأدب- باب: ٧٧ - الحديث ٦١١٧.
(٦) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٤٠٧ الحديث ٣٣٧٤ (صحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>