للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما يورث الحياء الأدب مع الخلق فهو أعظم حين يورث الأدب والخشية من الخالق، وكما أن الحياء أدب مع الخلق فهو أعظم، بل أسمى صوره حين يكون حياءً من الخالق، ولذا جاء الأمر به «استحيوا من الله حق الحياء».

ومن أمارات الاستحياء من الله: أن تحفظ الرأس وما وعى (أي تحفظ سمعك وبصرك ولسانك وأنفك وفكك عن الحرام) وأن تحفظ البطن وما حول (فلا تأكل أو تشرب الحرام) وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا) فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء (١).

ولإحساس المؤمن في الدنيا بأن الله يراه على جميع أحواله؛ فإنه يستحيي من ربه، حتى في حال خلوته، ولذلك ورد في التستر عند الاغتسال في الخلوة، قوله صلى الله عليه وسلم: «الله أحق أن يستحيا منه من الناس» (٢) والذي يستحيي من ربه، إن كشف عورته في خلوته، حري به أن يمنعه الحياء من الإقدام على معصية .. يجاهر بها.

أخي المسلم حيث تشعر بالحرج، وتخشى التأثم، فتوقف، وحيث يطمئن القلب، ولا تشعر بالحرج، فاصنع ما شئت.

فاقد الحياء فليصنع ما يشاء، ولينظر بعدئذ ماذا يفعل الله به.

وليس عجيبًا ما نراه من منكرات الأخلاق، إذا علمنا أن رادع الحياء قد مات عند بعض الناس، فالذي لا يستحي- عادة- يصنع ما يشاء، بلا حرج من أحد (٣).


(١) رواه أحمد والترمذي والحاكم وغيرهم بسند حسن (صحيح الجامع ١/ ٣١٨).
(٢) من معلقات البخاري في كتاب الغسل - باب: ٢٠. قال في الفتح ١/ ٣٨٦: ( .. وحسنه الترمذي وصححه الحاكم).
(٢) يراجع فتح الباري ٦/ ٥٢٣ - شرح الحديث ٣٤٨٣ وكذا ١٠/ ٥٢٣ - شرح الحديث ٦١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>