للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين، وقدوة البارين، والبر لا يبلى، والديَّان ولا يموت، فكما تدين تدان، اللهم صل على نبينا محمد وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أيها المسلمون، وإذا كان البر عنوانًا للوفاء، ودليلاً على العقل والمروءة والكرم، وطريقًا للسعادة في الدنيا والآخرة، فإن العقوق نكران للجميل، وهو دليل على دناءة المروءة وخسة الطبع، وهو انتكاس للفطرة السوية، وطريق للشقوة في الدنيا، والهاوية في الأخرى.

ألا يكفي في التحذير من عقوق الوالدين أنه من أكبر الكبائر، وأنه رديف للشرك بالله؟ والصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم، يقول: «ألا أنَبِّئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى، قال ثلاثًا؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قلنا: ليته سكت» (١).

يا أيها المخذول، هل حينما كبرا فاحتاجا إليك جعلتهما أهون الأشياء عليك؟ قدَّمت غيرهما بالإحسان، وقابلت جميلهما بالنسيان، شق عليك أمرهما، وطال عليك عمرهما؟ (٢).

أما علمتَ أن في بقائهما سعادتك، وفي برهما تتنزل البركات عليك وعلى عقبك، وأنتَ مخذول حقًا، إن لم تنل رضا ربك برضاهما، وتدخل الجنة بسبب برهما.


(١) متفق عليه، (خ: في الأدب، مثلًا: لا الإيمان).
(٢) خطب ابن حميد م ١/ ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>