الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلًا أولي أجنحة، وأشهد أن لا إله إلا الله، ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده.
ومن مكاسبنا (الفأل وحسن الظن بالله)؛ فهو مبدأ شرعي علمنا الإسلام كيف نستحضره في أحوالنا كلها، وجسده لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بسنته وسيرته حين يتجاوز المحنة النازلة إلى آفاق من الفأل وحسن الظن بالله، وما أشبه الليلة بالبارحة وحين حوصر المسلمون في غزوة الخندق وأحاطت بهم الأحزاب من كل جانب، وزلزل المسلمون زلزالًا شديدًا، كان النبي صلى الله عليه وسلم حينها يبشر بالفتح، ويعد بنصر يتجاوز الأحزاب (داخل المدينة) إلى انتصارات في أرض الشام واليمن وفارس، فلا يفتت الصخرة فحسب، بل ويفتت معها أي مشاعر للإحباط والهزيمة، وأي مظاهر للقنوط والاستسلام .. ثم تجدد الفأل في نهاية المعركة -وقد كفى الله المؤمنين القتال- ويعد الصحابة ألا يطأ أرض المدينة بعد مشرك، ويقول قولته النبوية المتفائلة:«الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم». وتأملوا كيف انقلب ميزان القوى، فمحاصرة قريش للمسلمين في المدينة ولت إلى غير رجعة، والجيش الإسلامي يتحرك بعد باتجاه مكة .. وكان صلح الحديبية فتحًا مبينًا، ثم كان المسير إلى اليهود في خيبر وكسر شوكتهم، ثم ختم ذلك بالتحرك إلى مكة، وكان فتح مكة إيذانًا بدخول الناس في دين الله أفواجًا .. ثم شخص المسلمون بأبصارهم إلى أرض الروم، فكانت مؤتة بداية