للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين وفق من شاء لطاعته فاجتباه وهداه وأضل من شاء بحكمته وعلمه فأبعده وقلاه.

وأشهد ألا إله إلا الله العليم الخبير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين .. اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه وآله، وارضَ اللهم عن أصحابه وأتباعه ومن تبعهم إلى يوم الدين.

إخوة الإسلام، راقبوا قلوبكم واحرصوا على تخليصها من أدوائها، ولتكن عنايتكم بها أشد من عنايتكم بالأجسام، فالله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

أما خسف القلب، فقد قيل أنه يخسف بالقلب كما يُخسف بالمكان وما فيه، فيخسف به إلى أسفل السافلين، وصاحبه لا يشعر، وعلامة الخسف به أنه لا يزال جوالاً حوله السفليات والقاذورات والرذائل، كما أن القلب الذي رفعه الله وقربه إليه لا يزال جوالاً حول العرش، قال بعض السلف: (إن هذه القلوب جوَّالة فمنها ما يجول حول العرش ومنها ما يجول حول الحش).

أما مسخ القلب، فهو يمسخ كما تمسخ الصورة، كما قيل فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته، فمن القلوب ما تمسخ على قلب خنزير لشدة شَبَه صاحبه به، ومنها ما يمسخ على خلق كلب أو حمار أو حية أو عقرب وغير ذلك، وهذا تأويل سفيان بن عيينة في قوله: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم} (١) قال: منهم من يكون على


(١) سورة الأنعام، الآية: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>