للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، فاضل بين الناس في أعمالهم وإيمانهم، فمنهم المسارعون للخيرات، والمكثرون من عمل الصالحات، وهم آمنون مستيقنون، ومنهم الظالمون لأنفسهم المعرضون عن ذكر ربهم، وهم في ريبهم يترددون.

أحمده تعالى وأشكره وأثني عليه الخير كلَّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

عباد الله! منزلة اليقين من الإيمان كما قال ابن مسعود رضي الله عنه (اليقين الإيمان كلُّه، والصبر نصف الإيمان). ولليقين أثرٌ كبيرٌ في الإيمان بالقضاء والقدر. كما قال ابنُ عباس رضي الله عنهما يرفعه: ((فإن استطعت أن تعمل بالرضى في اليقين فافعل، فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا) وفي رواية: قلت: يا رسول الله كيف أصنع باليقين؟ قال: ((أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك)) (١).

أيها المسلمون! لمنزلة اليقين وحاجة الناس إليه جاء في الحديث المشهور: ((سلوا الله اليقين والعافية فما أعطي أحد بعد اليقين شيئًا خيرًا من العافية، فسلوهما الله)) (٢).

أما أهل اليقين فهم الأئمة والقادة، وهم أهل الصبر والهداية إذا ابتلوا ثبتوا، وإذا أذنبوا استغفروا، ويشكرون على السراء، ويصبرون على البلاء، لا يخشون إلا الله، ولا يرجون أحدًا سواه، خصهم الله بالذكر في قوله: {وجعلنا منهم أئمة


(١) فتح المجيد ص ٣٠٥.
(٢) فتاوى ابن تيمية ٣/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>