للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين أنعم على عباده المؤمنين إذ هداهم للإيمان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شرح صدور المسلمين للإيمان فهم على نور من ربهم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكمل المؤمنين إيمانًا، وأحسنهم خُلُقًا ... اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أيها المسلمون، والإيمان ضمان للثبات في مواقف الامتحان، وهو مركب للنجاة في طوفان الفتن والمحن، به يميز الله الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (١).

يُفرِّق المؤمنون بين عذاب الله وفتنة الناس، يصبرون على البلوى ويشكرون على السراء «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خير له» وفي حديث آخر: «المؤمن بخير على كل حال، تُنزعُ نفسه من بين جنبه وهو بحمد الله» (٢).

والإيمان معلم هاد في بيداء الصحاري المهلكة إذا تاه الدليل أو خيَّمَ الظلام، أو كان حبيس الغم، أو ضاقت على المرء الضوائق، فيؤنسه الإيمان بخالقه، ويتسع له المكان مهما كان ضيقه وعزلته: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (٣).


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٧٩.
(٢) صحيح الجامع ٦/ ٥.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٨٧، ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>