الحمدُ لله صاحبِ الفضلِ والجُودِ والإحسان، أَحمَدُه تعالى وأشكرُه وأسألُه المزيدَ من فضلهِ، والتوفيقَ لنَفَحَاته، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، أعطى ومَنَع، وهو أحكمُ وأعلم، ومن يَسألِ اللهَ يُوصَل، واللهُ أغنى أكرمُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله .. كان مثالًا للخُلُق الكريم، والجُود العميم، وهو في رمضانَ أَجْودُ، وما فَتِئ يُذكِّر أُمتَه ويدعوها إلى مكارمِ الأخلاق ومعالي القِيَم حتى أتاه اليقينُ، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ النبيين والمرسَلين.
أيها المسلمون: يتفاوت الناسُ في الاستفادةِ من مدرسة الصوم وتطويعِ النفس على الأخلاقِ الفاضلة على الدوام، فمِنَ الناس من لا يستفيدُ- ولا في رمضانَ- في إصلاح خُلُقِه وتزكية نفسِه، وهذا الصنفُ ظنَّ أن الصيامَ إمساكٌ عن الطعامِ والشراب فحسبُ، وجَهِلَ حكمةَ الصيام وتقوى الصيام- وعسى أن تكون هذه الفئةُ قليلةً في مجتمع المسلمين- ومن الناس من يستفيدُ من درسِ رمضانَ ويَنهَلُ من مدرسةِ الأخلاق في شهرِ الصيام لكنه يَضعُف عن المواصلة بعدُ، وربما فَهِمَ خطأ أنَّ تركَ الحرام، أو عدَم التقصير في الواجبات من سِمَات رمضانَ فقط، فإذا انتهى شهرُ رمضانَ عاد إلى ما كان عليه من تَرْكِ الواجباتِ كالمحافظة على الصلواتِ مع جماعةِ المسلمين، ونحوِها من واجبات الدِّين، وإلى فِعْل المحرَّمات كأكل الربا والغِشِّ والخداع والغِيبةِ والنَّميمة والفُحْش والبِذاءِ وشُرْب الدخانِ، وربما تجاوز إلى المخدِّرات .. أو نحوها من المحرَّمات.
ولهؤلاء يُقال: إنّ رمضانَ محطةٌ للتزوُّد، ووسيلةٌ لتربية النفسِ في رمضانَ وبعدَ رمضان، وبئسَ القومُ لا يعرفونَ اللهَ ويَخشَوْنَهُ إلا في رمضانَ.