للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين أوحى إلى عبده: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (١).

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فاوت بين المجاهدين والقاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (٢).

وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، أخبر أن طائفةً من أمته: «لا تزال تُقاتل على الحق، ظاهرين على من ناوأهم حتى يُقاتل آخرُهم المسيحَ الدجال» (٣).

اللهم صلِّ وسلم عليه، وعلى سائر أنبياء الله ورسلِه.

إخوة الإيمان: أخرج الإمام أحمدُ رحمه الله من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا أخبركم بالمؤمن؟ مَنْ أَمِنَهُ الناسُ على أموالهم وأنفسهم، والمسلمُ من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهدُ من جاهد نفسَه في طاعة الله، والمهاجرُ من هجرَ الخطايا والذنوب»، والحديث صححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي. «المستدرك»: ١/ ١١ (٤).

وهكذا يتسعُ مفهومُ الجهاد في السنة، ويؤكد المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه على تربية النفس على طاعة الله، والإقلاع عن الذنوب والخطايا ... فتلك بدايات أساسية للجهاد في مجالاته الأخرى، قال العارفون: إن مجاهدة النفس مقدمٌ


(١) سورة التوبة، الآية: ٧٣.
(٢) سورة النساء، الآية: ٩٥.
(٣) صحيح سنن أبي داود: ٢/ ٤٧١.
(٤) المسند ٦/ ٢١، زاد المعاد ٣/ ٦، الهامش ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>