إن الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئات أعمالِنا، من يَهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسَلين، وارضَ اللهم عن الصحابةِ أجمعينَ والتابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
إخوةَ الإيمان: صحابيٌّ جليلٌ ومعركةٌ كُبرى من معاركِ المسلمين، بل (فتحْ الفتوح)، أذكِّرُكم ونفسيَ بها، شاء اللهُ لهذا الصحابيِّ أن يكون قائدَ المعركةِ وأولَ الشهداءِ فيها، وجمعَ اللهُ له بينَ النصرِ والشهادة كما تمنّى ودعا، كان هذا الصحابيُّ مُجابَ الدعوة، وسألَ ربَّه الشهادةَ فأعطاه إياها، وكانت هذه المعركةُ التي خاض غِمارَها -والمسلمون معه- نهايةً للفُرسِ وبدايةً للمدِّ الإسلامي في أرضِ المشرِق .. ومع انتصارِ المسلمين في هذه المعركةِ وفرحتِهم إلا أن ذلك لم يَمنعْهم من البكاءِ على قائدِهم وقد ضرَّجَتْه الدماءُ في أرضِ المعركة .. بل بَكَى المسلمون في المدينةِ وفي مقدّمتِهم الخليفةُ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه حين بلغهم استشهادُ هذا الصحابيِّ رضي الله عنهم أجمعين، فمن يكونُ هذا الصحابيُّ؟ وما هي المعركةُ ولماذا انتصرَ المسلمون؟
هو أبو حكيم، وقيل: أبو عَمْرو النعمانُ بن مُقرِّنٍ المُزنَي، وفدَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، مع وفدِ قبيلتِه (مُزَيْنةَ) وشاركَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في
(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ١٤/ ١١/ ١٤٢٣ هـ.