إخوة الإيمان .. بين خالد بن الوليد رضي الله عنه وبين أبيه الوليد مفارقة كبيرة، وفرق شاسع .. كما بين الثرى والثريا ..
أجل لقد عاش خالد فترة من عمره في مراهقة الجاهلية، وفي طاعة القبيلة، وكان شجاعًا لكن دون هدف، وقائدًا لكن دون إيمان .. ألحق بالمسلمين هزيمة أحد حين انطلق بخيله ومن كان معه إلى من بقي من رماة المسلمين، فأحصاهم قتلًا، واستدار على المسلمين من خلف الجبل، فكان مصاب أحد على المسلمين عظيمًا وبقي خالد جنديًّا مطيعًا لقريش وصاحب خيلها .. وكانت الأحزاب والحديبية .. وخالد لم يسلم بعد، لكنه يكابد القلق، ويعيش التناقضات، ويقول بكل صراحة: «لقد شهدت المواطن كلها على محمد، فليس في موطن أشهده إلا أنصرف وأنا أرى في نفسي أني مُوضع في غير شيء، وأن محمدًا سيظهر، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية خرجت في خيل المشركين، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه بعسفان فقمت بإزائه وتعرضت له، فصلى بأصحابه الظهر أمامنا، فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا - وكان فيه خيرة - فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به، فصلى بأصحابه صلاة العصر، صلاة الخوف، فوقع ذلك منا موقعًا، وقلت في نفسي: الرجل ممنوع فاعتزلنا، وعدل عن سير خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشًا بالحديبية ودافعته قريش بالرواح، قلت في نفسي: أي شيء بقي؟ أين أذهب؟ إلى النجاشي فقد اتبع محمدًا، وأصحابه عنده آمنون، فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية؟ فأقيم في عجم؟ فأقيم في داري بمن بقي؟ فأنا في ذلك إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضية، فتغيبت ولم أشهد دخوله، وكان