للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله، يشهد بآلائه الإنس والجن، خيرُه للناس نازل وشرهم إليه صاعد، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} (١).

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ليس العطاء منه دليل الرضى، وليس المنعُ منه علامةَ سخطٍ وعذاب، يبلو بالسراء ليرى مدى الشكر، والضراء ليعلم- وهو أعلم- بالصابرين .. وهو العليم الحكيم.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أصابته الضراء فصبر، وحين أفاء الله عليه من النعم شكر واستغفر، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين.

أيها المسلمون أما معوقات الشكر فكثيرةٌ، ومنها:

الجهل والكبْرُ، والغفلة، فالجاهلُ لا يعرفُ نعمَ الله عليه، وأنَّى له أن يشكر ما لا يعرف، والكبْر داءٌ يتعالى به الفرد وينسى فضل المنعم، ويخيل إليه أن ما حوله من نعم بحوله وقوته، كما قال قارون: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}.

والغفلة آفة تُنسي النعم، ويظل صاحبها يرمق نعمة الله على الآخرين، غافلًا عما أنعم اللهُ به عليه، وإذا لم يتنبه الغافل في العلم، فسبيله للشكر أن يشهد المرضى تارةً، ويشهد أصحاب الحدود تارة أخرى، ليستيقن فضلَ الله بالعفو والعافية فيشكر اللهَ.

ويلحق بذلك عائقُ الشحِّ والطمع والحسد، فمن ابتلي بذلك قل شكرهُ وكثرت شكواه، وأصبح كالعطشان يرد البحر فلا هو ارتوى منه، ولا البحر سقا


(١) سورة فاطر، آية: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>