كتاب شعاع من المحراب

الأخوة الإسلامية - الخطبة الثانية - ج: 10 - ص: 9

الخطبةُ الثانية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، كما ينبغي لجلالِ وجهِهِ وعظمةِ سلطانهِ، وأشكرهُ على نعَمِه وآلائه، وقَدْ تَأَذَّنَ بالمزيدِ لمنْ شَكَره {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (١).

وأشهدُ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له في ربوبيَّتِهِ وألوهِيَّته وأسمائِهِ وصفاتِهِ، وأشهدُ أَنْ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه- اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليهِ وعلى آله وصَحْبه ..

إخوةَ الإسلام: ولعِظَم حقوقِ المسلمِ على أخيهِ المسلمِ قالَ صلى الله عليه وسلم: «كلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِم حرامٌ؛ دمُه؛ ومالُه، وعِرْضُه» وكانَ يتحدثُ للمسلمينِ بهذا ويخطبُ مذكرًا بهذه الحقوقِ في المجامعِ العظيمةِ كيومِ عرفةَ والنَّحْر.

أيها المسلمُ: وإذا عرفتَ فضائلَ الأخوّةِ، ومقاصِدَها، وحقوقَها وآداَبها، فبقيَ أنْ تعلمَ آفاتِ الأخوةِ وما يُفسدَها.

ومِنْ أوائلِ هذه الآفاتِ والمفسِداتِ للأخوةِ:

١ - الإخلالُ بحقوقِ الأخوةِ وعدمُ الاهتمامِ بآدابها؛ فحينَ لا تَنْصرُ أخاكَ ولا تَنصحُه ولا تحترمُه ولا تهتمُّ بشئونهِ، وتسيءُ التعامل معهُ بشكلٍ عام- فذلكَ مفسدٌ للأخوةِ قاطعٌ لحبل المودَّة.

٢ - ومنْ مُفسداتِ الأخوةِ أنْ تكون شحيحًا بوقتكَ فلا تصلُه، وبخيلًا بمالِك فلا تساعِدُه، وكمْ تعجبُ حينَ تقرأ في «صحيحِ الأدبِ المُفْردِ» للبخاري: أن سَلْمانَ الفارسيَّ رضيَ اللهُ عنهَ زار أخاهُ في اللهِ أبا الدرداءِ، وجاءَ إليهِ منَ المدائِن إلى الشام ماشيًا (٢)، وربما عجزَ أو تكاسلَ أحدُنا في زيارةِ أخيهِ

---

(١) سورة إبراهيم، الآية: ٧.
(٢) صحيح الأدب المفرد/ ١٣٩.