الحمدُ لله ربّ العالمين نعمُه علينا لا تُعدُّ ولا تُحصى، ومن يشكر فإنما يشكرُ لنفسِه، ومن كفر فإن اللهَ غنيٌّ عن العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الأولين والآخِرين، أرشدَ - وهو الصادقُ الأمينُ - إلى نعمةِ الصحةِ والغبنِ فيها، فقال عنهما وعن الفراغ:«نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ؛ الصحةُ والفراغ».
اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائرِ النبيينَ والمرسلين.
عبادَ الله: وإذا كانت الصحةُ والفراغُ أمانةً، وسوف يُسألُ الإنسانُ ما صنعَ فيهما، فالمالُ والعمرُ أمانةٌ كذلك، وسوف يسألُ المرءُ عنهما:«لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن أربع: عن عُمُرِه فيما أفناهُ، وعن علمه ما فعلَ به، وعن مالِه من أين اكتسبَه وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِه فيما أبلاهُ»(١).
أخي المدخن: ما موقفُك من هذا الحديثِ والموقفُ عصيبٌ، والمحاسِبُ يحاسبُ على النقيرِ والقطميرِ، ولا يُغادرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، ولو تقاصرت نَظرتُك عند حدودِ الدنيا - وما ذلك بمحمودٍ - لقيلَ لك: أليسَ المالُ صعبًا جمعُه .. أليستَ الصحةُ مطلبًا يُبحثُ عنه وتُصرفُ الأموالُ لتوفُّرِه .. فما بالُك أيها المدخنُ تحرقُ مالكَ بنفسِك، بل وتحرقُ معه أحشاءك؟ وأُراكَ تسيرُ في اتجاه معاكس للآخرين، فهم يبحثونَ عن الصحةِ وأنت بطوعِك واختيارِكَ تتشبثُ بما يُسيءُ إليها؟ ويحرصونَ على المالِ وأنت من المهلكينَ له والمبذرينَ في إنفاقه.
يا صاحبي: وقل لي بربك ماذا جنيتَ من التدخينِ؛ فيما مضى من عمركَ،