للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فقه النوازل وثمار السنن (١)

[الخطبة الأولى]

الحمد لله رب العالمين أحاط بكل شيء علمًا، وخلق فسوى وقدر فهدى، وسعت رحمته كل شيء، وجعل بعد العسر يسرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ما يقدر في هذا الكون من خيرٍ أو شرٍ فله الحكمة البالغة، يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل عليهم في الدين من حرج، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بلغ رسالة ربه، واحتمل في سبيلها الأذى وأحاطت الفتن به وبأصحابه، فصبروا لأمر الله، ورضوا بما قدر الله، فأعقبهم الحسنى وكتب لهم النصر في الدنيا ووعدهم النعيم الدائم في الحياة الأخرى .. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء الذي صبروا على اللأواء ... وعلى آل محمد المؤمنين، وارض اللهم عن أصحابه البررة المتقين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

اتقوا الله عباد الله، واخشوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (٢).

معاشر المسلمين، وبإزاء النوازل الواقعة والفتن المتلاحقة في ديار المسلمين تكاد القلوب تطير هلعًا وجزعًا لهولها، وتكاد أقدام تزل بعد ثبوتها، أفيليق أن تهتزَّ القناعات لحدثٍ مدمرٍ، أو تغير الثوابت لمحنةٍ مزلزلة ... أو يفقد التوازن


(١) ٢٣/ ١٢/ ١٤١٦ هـ.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>