للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمل والأجل بين عامين (١)

[الخطبة الأولى]

الحمد لله رب العالمين يكوِّرُ الليلَ على النهار، ويكور النهارَ على الليل، فالقُ الإصباح وجعل الليل سكنًا، والشمسَ والقمرَ حسبانًا ذلك تقديرُ العزيز العليم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُقدر الأعمارَ، ويعاقب الأيام، وبقدرته تتعاقب الأعوام، وتفنى أجيالٌ وتخلفها أجيالٌ أخرى وكلُّ من عليها فانٍ ويبقى وجهُ ربِّك ذو الجلال والإكرام.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله حل في هذه الدنيا ثم ارتحل، ولو قدر لأحدٍ الخلودُ فيها لكان المصطفى حيًا مخلدًا، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أما بعد فأوصي نفسي وإياكم معاشر المسلمين بتقوى الله ومراقبته، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ} (٢).

وقال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (٣).

واحذروا معاشر المسلمين أن تطغى مراقبتُكم لخلق الله على مراقبة الله فتكونوا ممن قال الله فيهم: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} (٤).


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٢٧/ ١٢/ ١٤١٨ هـ.
(٢) سورة آل عمران، آية: ٥.
(٣) سورة غافر، آية: ١٩.
(٤) سورة النساء، آية: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>