للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله أمر بالصدق ورتب الجزاء للصادقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله تعوذ من العجز والكسل، وأمر بالجهاد والعمل، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين الذين جاهدوا في الله حق جهاده فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين.

أيها المسلمون، ومما يسهم في إصلاح أنفسنا ويؤكد ويعين على نقد ذواتنا أن نستشعر المسؤولية الفردية في عمل الدنيا وجزاء الآخرة، وربنا تبارك وتعالى يقول:

{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (١٣) اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (١).

ويقول جل ثناؤه: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} (٢).

ويقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} (٣).

فاستشعار المسلم لهذه الحقيقة كفيلٌ بإصلاح ذاته وإقامتها على منهج الله واستصلاح من استرعاه الله إياه من أهل وولد، استجابةً لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (٤) الآية: :


(١) سورة الإسراء، الآيات: ١٢ - ١٥.
(٢) سورة مريم، الآيات: ٩٣ - ٩٥.
(٣) سورة فصلت، الآية: ٤٦.
(٤) سورة التحريم، الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>