ومن عجبٍ أن ترى بعض الناس إذا جاء الحديث عن ضعف المسلمين في التمسك بدينهم له القدح المعلى في النقد والتعليق، وقد يكون هو جزءًا من هذا الواقع المشين ولو أنه عوض الكلام بالعمل، وأسهم بحل المشكلة بفعله لا بقوله وأصلح نفسه ومن حوله لصلح أمر الإسلام وعز المسلمون، وهل المجتمع الإسلامي إلا مجموعة من الأفراد والأسر والمجتمعات، يؤثر في مجتمع المسلمين صلاح أو فساد أي منها؟ .
ذلك مظهر إيجابي من مظاهر نقد الذات، ولا يقف الأمر عن هذا الحد فثمة مظهر آخر يتمثل في حماية سفينة المجتمع كله من الغرق، وأي مسلمٍ لا يهمه أمر المسلمين؟ وأي إسلام يقعد بصاحبه عن الإنكار على المستهترين بحرمات الدين؟ . وهل يصح أن ترى المنكر وأنت قادرٌ على إنكاره، ثم يُخَّيل إليك أن غيرك مسؤول عنه؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يحملك المسؤولية ويقول:«من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع قبقلبه وليس وراء ذللا من الإيمان حبة خردل».
فأنت مدعو للمشاركة في حماية حرمات المسلمين وأعراضهم وأموالهم وكراماتهم، وما أروع حياة السلف وهم يفهمون النصح دينًا واستصلاحًا، والإنكار منهجًا للتغيير والإصلاح لا تشهيرًا، فلا يتردد الآمر، ولا يتبرم المأمور، ويبقى الود والصفاء وحسن الظن وإن اختلفت وجهات النظر، وفي قصة الفاروق مع سيف الله المسلول، رضي الله عنهما، نموذجٌ رفيع لأدب المعاملة بين الآمر والمأمور، فعمر، رضي الله عنه، لمصلحة رآها، يعزل خالدًا عن قيادة الجيش في الشام ويولي مكانه أبا عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، فيسمع ويطيع، بل ويجعل وصيته في النهاية إلى عمر، وعمرُ، رضي الله عنه، حين بلغه موت خالد، رضي الله عنه، ينصفه ويثني عليه