للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقلب الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقام من الليل حتى تفطرت قدماه، ولما قيل له في ذلك قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا)). اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

يا أخا الإسلام! إني سائلك ونفسي: بم نودع العام المنصرم، وكيف نستقبل العام الجديد؟ .

إن مما يليق بالعقلاء، ويفقهه أهل الديانة النبلاء أن يودع العام المنصرم بالتوبة الصادقة من الذنوب. والتوبة أمر ودعوة دعا الله إليها المؤمنين وعلق عليها الفلاح، فكيف بمن دونهم من المسلمين، فقال تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} (١). ووعد بالقبول عليها فقال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} (٢).

وإذا علم أن التوبة للجميع فكلّ ابن آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون، فينبغي أن تعلم كذلك أن التوبة كما تكون من فعل السيئات وارتكاب المحرمات، تكون أيضًا من ترك الحسنات ولم يستزد من الطاعات، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن لا يواظب على السنن الرواتب فأجاب: ((من أصرَّ على تركها دلّ ذلك على


(١) سورة النور، الآية: ٣١.
(٢) سورة الشورى، الآية: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>