للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلة دينه، ورُدَّت شهادته في مذهب أحمد والشافعي وغيرهما)) (١).

وابن تيمية وهو يؤكد هذا المعنى للتوبة يرى أن التوبة من ترك الحسنات المأمور بها أهم من التوبة من فعل السيئات المنهيِّ عنها، ويقول مصححًا لفهم الجهلة ((وليست التوبة من فعل السيئات فقط، كما يظن كثير من الجهال، لا يتصورون التوبة إلا عما يفعله العبد من القبائح كالفواحش والمظالم، بل التوبة من ترك الحسنات المأمور بها أهمُّ من التوبة من فعل السيئات المنهي عنها، فأكثر الخلق يتركون كثيرًا مما أمرهم الله به من أقوال القلوب وأعمالها، وأقوال البدن وأعماله وقد لا يعلمون أن ذلك مما أمروا به أو يعلمون الحقَّ ولا يتبعونه فيكونون إما ضالين بعدم العلم النافع، وإما مغضوبًا عليهم بمعاندة الحقِّ بعد معرفته)) (٢).

يا أخا الإيمان! إذا أجمعت التوبة والندم بقلبك على ما فرطت فيه من عمل السيئات أو الزهد من عمل الحسنات، فعوّد لسانك على كثرة الاستغفار فقد صحَّ في الخبر ((من أكثر الاستغفار جعل الله له من كلِّ هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب)) (٣).

أيها المسلم .. وكلما تذكرت نعمةً أنعم الله بها عليك في عامك المنصرم فاشكر الله عليها، فالله تعالى يحب الشاكرين ويجزيهم وهو القائل: {وسنجزي الشاكرين} (٤). واعلم أن أعظم نعمة منَّ الله بها عليك نعمة الإسلام والإيمان، وإن تذكرت مصابًا أو حزنًا أو شدة مرت بك وعافاك الله منها فلا تنس فضل الله


(١) الفتاوى ٢٣/ ١٢٧.
(٢) التوبة لابن تيمية ص ٤٢، عن د. صالح السدلان: التوبة إلى الله ٣٦.
(٣) رواه ابن ماجه وأحمد وغيره، وحسنه ابن حجر في الأمالي/ ٤٥. وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند (٢٢٣٤) التوبة وسعة رحمة الله لابن عساكر ١٢٤ ص ١٦.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>