أيها المسلم الصادق مع نفسه ومع ربِّه، حريّ بك أن تستقبل العام الجديد بهمة نشطة، وعزيمة على الخير صادقة، متحريًا في عملك الإخلاص لربِّك، والمتابعة لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، تذكر وعد الله وغرور الدنيا {ياأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}، وتنبه لمعركة الشيطان معك وعداوته لك وإياك أن تكون من أصحاب السعير {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}.
جدد حياتك وانس ماضيك السيء، وعاهد نفسك وأشهد ربَّك على فتح صفحة جديدة في الحياة، ملؤها العبودية الحقة لله بلا إفراط ولا تفريط، وخذ من عمل الصالحات ما تطيق، فإن الله لا يملُّ حتى تملَّ، وفي الحديث الآخر:((خذوا من العبادة ما تطيقون فإن الله لا يسأم حتى تسأموا)) (١).
أرِ الله من نفسك خيرًا، وتصور مسيرة الناس على الصراط وقد نُصب على متن جهنم وهو أدق من الشعرة وأحدّ من السيف، والناس فيه يسيرون على قدر أعمالهم فمنهم من هو كالبرق ومنهم كالريح ومنهم كأجاود الخيل، ومنهم من يسرع، ومنهم من يزحف ويحبو، ومنهم من يخردل في النار .. هناك في هذا الموقف لا ينفعك النسب ولا يغني عنك الحسب وتضيع عنك مقامات الدنيا كلُّها، وتبقى كلُّ نفس بما كسبت رهينة، وإليك هذا المشهد من مشاهد القيامة معجلًا لك وصفه في الدنيا للذكرى فتذكره جيدا وأعد للسؤال جوابا يقول تعالى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت