إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ..
أما بعد إخوة الإسلام فلا تزال صفحات مشرقة من تاريخنا تحتاج إلى جلاء وبيان .. وتحتاج إلى وقفات متأملة غايتها العظة والاعتبار، ولا يزال عدد من ملوك الإسلام وخلفائه وسلاطينه أو قادته ورجاله العظام يكتنف شخصياتهم الغموض عند أبناء الإسلام للجهل بسيرهم وعدم معرفة أحوالهم أو تقدير جدهم وجهادهم في سبيل هذا الدين، والدفاع عن بيضة الإسلام والمسلمين.
وما أروع قراءة الصحيح من تاريخ المسلمين! وما أجمل التأمل في ملاحمهم! فهي من جانب تؤنس الفرد وتسري عنه، وتخفف جزءًا من همومه إن قدر له العيش في فترة يستذل فيها المسلمون، ويتصدر القيادة غيرهم من اليهود والنصارى أو سواهم من الكفرة والملحدين، وهي من جانب آخر تشعره بأن تاريخه لا يبدأ من تاريخ ولادته، وينتهي بوفاته، وإنما يمتد تاريخه في غابر السنين وعبر القرون .. لكن هذه القرون حافلة بالنصر والهزيمة والعزة والذلة، والاجتماع والفرقة، والقوة والضعف وهو في تأمله يرصد أسباب النصر والتمكين، ويقف على أسباب الهزيمة والضعف للمسلمين، فلا تعد الأحداث في أي عصر تفاجأه، ولا تعد الأوضاع في أي مصر تخرج عن إطار نظرته وتقويمه، فهناك سنن كونية ثابتة يستدل بها، وهناك قواعد كلية يحتكم إليها.
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٧/ ٥/ ١٤١٤ هـ.