للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، سن من الشرائع والأحكام ما فيه مصلحة للعباد في دينهم ودنياهم، وأشهد ألا إله إلا الله، يعلم ما يصلح الخلق في حاضرهم ومستقبل أيامهم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ما فتئ يحذر أمته من الخنا والفجور حتى وافاه اليقين. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين.

إخوة الإسلام، وإذا كان ما مضى جزءًا من شناعة عقوبة الزنا في الدنيا فأمر الآخرة أشد وأبقى.

ولو سلم الزناة من فضيحة الدنيا، فليتذكروا عظيم الفضيحة على رؤوس الأشهاد، هناك تبلى السرائر ويكشف المخبوء، وما للإنسان حينها من قوة ولا ناصر، بل إن أقرب الأشياء إليه تقام شهودًا عليه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (١).

وهل تغيب عن العاقل شهادة الجلود، وهل دون الله ستر يغيب عنه شيء وهو علام الغيوب {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ} (٢).

يا أمة الإسلام، ولا يقف الأمر عند حد الفضيحة على الملأ مع شناعته بل يتجاوز إلى العذاب وما أبشعه؟

جاء في صحيح البخاري وغيره عن سمرة بن جندب رضي الله عنه -في الحديث


(١) سورة يس، الآية: ٦٥.
(٢) سورة فصلت، الآيات: ٢١ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>