للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله الموفق من شاء لطاعته، والمكرم من شاء بدخول جنه، أحمده وأشكره، وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله، ورضي عن أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أيها المسلمون، كل الناس يغدو ويروح في هذه الحياة، لكن هناك من يعتق نفسه وهناك من يوبقها وكل الناس يسعون إلى الجنة، ويفرون من النار، لكن بعض الناس ربما خردل نفسه فيها، وبعض الناس يُجَرُّ إلى الجنة بسلاسل، ولكن ليُعْلَم أن سلعة الله غالية، وهي تحتاج إلى صبر ومصابرة، وتقوى ومراقبة، وذلك يسير على من يسرَّه الله عليه، ولا شك أنها صعبة على من اتَّبعَ الشهوات ووقع في الشبهات.

وإذا كانت الجنة قد حُفَّت بالمكاره، فإن النار قد حفت بالشهوات، وتأملوا معاشر المسلمين في هذا الحديث الذي أخرجه أهل السنن وغيرهم بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله أن عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعا الله جبريل، فأرسله إلا الجنة، فقال: انظر إليها وما أعددت لأهلها فيها، فرجع إليه فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فقال فحجبت بالمكاره، فقال له: ارجع فانظر إليها، فرجع إليه، فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، ثم أرسله إلى النار، فقال اذهب إليها، وانظر، ما أعددت لأهلها فيها، فرجع إليه فقال: وعزتك لا يدخلها أحد سمع بها، فحجبت بالشهوات، ثم قال: عد إليها فانظر، فرجع إليه، فقال: وعزتك لقد خشيت ألا يبقى أحدٌ إلا دخلها (١).


(١) رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي، شرح السنة ١٤/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>