للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانية:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، ولا عُدوانَ إلا على الظالمين، والعاقبةُ للتقوى والمتقين، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، نِعمَهُ على خَلْقِهِ لا تعدُّ ولا تُحصى، ومن أعظمِ النّعمِ نعمةُ الإسلام، والمسلمونَ همُ السعداءُ في الدنيا، وهمُ الفائزونَ والآمنونَ منْ عذابِ اللهِ في الآخرة، ومهما تصنَّعَ غيرُ المسلمينَ السعادةَ في الدنيا، فهمْ يتقلَّبون في ضيقٍ ونكَدِ، وأمراضٍ وقلقٍ لا يعلمُها إلا الله .. أما في الآخرةِ فالأمرُ أدهى وأمرّ، وهذا نبيُّ الهدى والرحمةِ صلى الله عليه وسلم يكشفُ لنا شيئًا منْ خسارتهمْ في الآخرة، وكيفَ يكونُ اليهودُ والنصارى فداءً للمسلمينَ عنِ النار.

وفي «صحيح مسلم» عنْ أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كانَ يومُ القيامةِ دفعَ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى كلِّ مسلمٍ يهوديًا أو نصرانيًا فيقولُ: هذا فِكاكُكَ منَ النار» (١).

وفي الحديثِ الآخر، أنَّ أبا بُرْدَةَ حدَّثَ عمرَ بنَ عبد العزيزِ عنْ أبيه (أبي موسى) عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يموتُ رجلٌ مسلمٌ إلا أدخلَ اللهُ مكانَهُ النارَ يهوديًا أو نصرانيًا»، قال: فاستحلفَهُ عمرُ بنُ عبدِ العزيز باللهِ الذي لا إلهَ إلا هوَ ثلاثَ مراتٍ أنَّ أباهُ حدَّثَهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: فحلفَ له .. (٢).

تلكمْ هيَ البشارةُ الثانية، وكمْ فرحَ المسلمونَ بهذا الحديث، حتى جاءَ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ والشافعيِّ رحمهما اللهُ أنهما قالا: هذا الحديثُ أرجى حديثٍ للمسلمين، قال النووي: وهو كما قالا، لما فيهِ منَ التصريحِ بفداءِ كلِّ


(١) ح ٢٧٦٧.
(٢) مسلم ح ٢٧٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>